ان العوامل المختلفة تتفاعل في التكوين النفسي للفرد وتركب شخصيته ولا يستطيع أي إنسان أن يبعد نفسه عن أثر العوامل البيئية ولو قدر له أن يعيش كل حياته منعزلا عن المجتمع.

وقد شبهه (ويلارد أولسون) تفاعل هذه العوامل، بعملية صب الماء في كوب إذ مثل الاستعداد الوراثي للفرد بکوب ومثل الرعاية البيئية بالماء يصب في هذا الكوب، فالكوب الكبير يمثل الاستعداد الممتاز، والكوب الصغير يمثل ضعف الاستعداد وضالة حجمه، وشبه (وودورث) تفاعل الاستعداد بالبيئة في التكوين النفسي للفرد بالمستطيل الذي يتوقف مساحته على كل من طوله وعرضه، وقد يتناقص الطول ليصير عرض، أو العكس، ولكن التكوين النفسي يبقى نتاجا لتفاعل هذين العاملين ويشير القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة عند الإشارة إلى تبعات أعمال الإنسان وطريقة حسابه.

والحق إن الفطرة الوراثية ليست أكثر تأثيرا من الرعاية البيئية، كما أنها ليست أقل أهمية فكلاهما أساسي للحياة وفقدان أحدهما يعني عدم الحياة، غير أننا يمكن أن نميز تأثير وغلبة أحد هذه العوامل على غيرها في تكوين الفرد تبعا لبعض الصفات فيه، إذ أن صفات الإنسان على نوعين نوع بنائي كالقامة فالعوامل المختلفة تتفاعل في التكوين النفسي للفرد، وتركب شخصيته، ولا يستطيع أي إنسان أن يبعد نفسه عن أثر العوامل البيئية ولو قدر له أن يعيش كل حياته منعزلا عن المجتمع.

أما الصفات النفسية التي هي من نوع صفات الشخصية والعادات وطريقة التفكير فهي تتأثر بالبيئة تأثرا كبيرة جدا وتفعل التربية فيها فعلا مؤثرة وواضحا إلى مدى بعيد. العوامل البيئية المؤثرة في التكوين النفسي للفرد مجموعة العوامل الخارجية المؤثرة في التكوين النفسي للفرد ومنذ اللحظة التي يتشكل فيها الجنين في رحم أمه يصطلح عليها بمجموعة العوامل البيئية، فالرحم بما يوفره من جو دافيء وغذاء وما يتعرض له من أحداث غير طبيعية، أو نقص في غذاء الأم، أو تعرضها لمشكلات اجتماعية ونفسية، كل هذه العوامل تشكل الظروف البيئية الأولى للطفل في المرحلة الجنينية وتبقى الكثير من آثارها مصاحبة للفرد بعد الولادة وحتى أيام الكبر.

والطفل يواجه بعد ميلاده مباشرة بيئة ذات شرائط خاصة في جانبها الطبيعي وبيئة اجتماعية متمثلة بالأسرة وأعضائها ونمط العلاقات القائمة بينهم، وحين يكبر الطفل ويدخل المدرسة يختلط مع أقران له من أعمار مساوية لعمره أو تفاوته بقدر معين ويتخذ منهم أصدقاء، وإن هو كبر وأصبح راشدا مستقلا غدا عضوا في المجتمع، فقد دخل البيئة الاجتماعية الأوسع وتفاعل معها مؤثر ومتأثرا بمفرداتها.

والبيئة عموما تشمل الجانب المادي المتمثل بالطبيعة وعناصرها ومكوناتها وظواهرها وخصائصها، وتشمل كذلك الجانب الاجتماعي بما فيها من مؤسسات وتجمعات ومنظمات وعادات وتقاليد ومقدسات.

ولقد اتسعت دائرة البيئة في يومنا هذا بفضل تطور وسائل الارتباط الحديثة وانتشار المطبوعات وتقدم طرق المواصلات بحيث شملت مساحات ما كانت لتشملها في ما مضى من أجيال وعهود، ومن هذه العوامل البيئية الصحة والسلامة العامة ونوع التغذية والتربية وثقافة المجتمع.

لقراءة المقال في جريدة الدستور

لقراءة المقال في موقع عمون