بعد انتظار طويل؛ وتعطش الديمقراطية الأردنية لتعديلات جوهرية، تعيد النبض على المستوى الشعبي المنادي بتغيير النهج، خرج لنا قانون الأحزاب كمقدمة عملية مدعومة بالكوتا، لإدارة تنفيذية من الرحم الشعبي، تلبي الحد الأدنى في مستوياتها الأولى من النهج المأمول للشعب الأردني.

مدخلات قانون الأحزاب الجديد رقم (7) لسنة 2022 ودخوله حيز التنفيذ على مشارف الانتخابات النيابية بكل تأكيد سيحدث تحولات على المشهد السياسي الأردني.

وعند استعراض أهم التعديلات التي طرأت على قانون الأحزاب الجديد رقم (7) لسنة2022 والتي اتت بالتزامن مع إتمام الدولة مئة عام من تاريخها، لتدخل مئويتها الثانية قوية وأكثر ثباتا برؤية واضحة المعالم، لمشروع شامل يقوم أساسا على المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وعلى تثبيت قواعد الديمقراطية الحقيقية، التي يستحقها الشعب الأردني بجميع مكوناته الاجتماعية وفئاته العمرية، مميزاً المرأة والشباب بشرط يضمن تمثيلهم في القائمة الحزبية، والتي اعدت كوتا حزبية للمراة والشباب، سنلمس اثر هذه التعديلات بعد الانتخابات القادمة.

من أهم التعديلات في قانون الانتخاب إقرار قائمة عامة حزبية مُغلقة بـ 41 مقعدا نيابيا على المستوى الوطني، لتكون هذه القائمة ضمن المشهد الحزبي ويتوقع تأهيلها لتشكل بعد ثلاث دورات حكومات برلمانية.

تحدثت في مقالات سابقة أن التعديلات جاءت مناسبة لهذه المرحلة الانتقالية، ومتطلباتها لكنه سيحتاج كاي قانون لتعديلات تضمن نجاح المرحلة القادمة، حيث ان كوتنة الاحزاب وربط الفكرة الحزبية بخصائص عددية أو جغرافية أو جندرية، تمس بالتعريف الجوهري للحزب والذي حددته المادة (3) من نفس القانون بشكل واضح ولكن تركيبة المجتمع الاردني وعوامل خاصة بالمجتمع الاردني كثيرة اخذت بعين الاعتبار.

كانت هذه التعديلات جغرافية أو نوعية أو حتى اشتراط الترتيب في القائمة الحزبية، أن تكون سيدة بأول 3 وسيدة أخرى في ثاني 3 وترتيب الشباب أيضا من أول 5 في القائمة الحزبية، حتماً سيضمن زيادة عدد النساء والشباب في المجلس القادم، وهذا ما ضمنه القانون تشريعيا في تمثيل الفئات المذكورة.

والمادة الاهم والتي تعد استحداثا مميزا في القانون وهي المادة (4) ببنودها الأربعة حول عدم جواز التعرض لأي مواطن أو المساس بحقوقه بسبب انتمائه الحزبي، وفي حال وقوع هذا التعرض يجوز له اللجوء للقضاء والمطالبة بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي.

جاءت هذه المادة تحديدا لتبديد المخاوف حول الانخراط في العمل الحزبي، الا أني ومن خلال التدريب في المحافظات مازالت هذه المادة لم تلق القبول وهناك عدم ثقة بجدية هذا البند، لكن مع الأيام والدخول في معترك العمل الحزبي ستتغير هذه النظرة.

جاءت هذه التعديلات بمجملها بهدف تحفيز المشاركة السياسية في مشهد عام لا يثق بالأحزاب ولايعتبرها اداة فاعلة مؤثرة في الشأن السياسي.

ونتيجة لهذه التعديلات يتوقع تحولات في المشهد السياسي، حيث ستكون هذه التعديلات أولى الخطوات العملية للوصول لبرلمانات حكومية، كما سيحدث تغيرات جذرية في سيناريوهات المشهد الانتخابي واندماج قسري بين المرجعيتين العشائرية والحزبية، وسؤال يطرح نفسه كيف ستكون المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية، هل ستتاثر سلبا ام ايجابا عن سابقاتها من التجارب الانتخابية؟ هل سيكون عزوفا ام مشاركة حقيقية؟ هذا ما سنعرفه بعد الانتخابات القادمة،ولاننسى كتحول اخر في المشهد السياسي الاردني، وكنتيجة لاشتراطات التنوع في قانون الاحزاب?ستظهر مشاركات واضحة تبرز دور المرأة والشباب في المشهد السياسي بشكل عام.

انّ المطلع على مضمون القانون يجد بأنه يمثل حالة تقدمية في الأُطر التشريعية الناظمة للأحزاب السياسية، إلا أنّ الإطار التشريعي لوحده غير كاف لتطوير العمل الحزبي، وضمان مشاركة فاعلة قائمة على البرامج والقواعد الجماهيرية، فالمسألة تحتاج إلى أحزاب سياسية قوية مؤسسيًا، وتمتاز بالديمقراطية الداخلية والشفافية والنزاهة في آليات عملها.

ستكون الانتخابات النيابية القادمة، بمثابة اختبار حقيقي لنجاح جملة التعديلات والتطورات على قانون الأحزاب وانعكاساتها على البيئة الاصلاحية للمشهد السياسي.

لقراءة المقال في جريدة الرأي