رئيس الوزراء الروسي الجديد ” ميخائيل فلاديميروفيتش ميشوستن” الذي شغل منصب مدير عام دائرة الضرائب الفيدرالية الروسية من العام 2010 الى العام 2020 لغاية تنصيبه رئيسا للوزراء بعد أن قفز بدائرة الضرائب قفزات كبيرة خلال 10 سنوات من العمل الدؤوب جعلت نظام التحصيل الضريبي الروسي من الأفضل في العالم اذا لم يكن الأفضل فعلا في الوقت الراهن. ولا يخفى على أحد أن سوق الإستثمار الروسية من أكثر الأسواق العالمية صعوبة و تعقيدا كون التنافس فيها شديد و يتأثر بأدوات عديدة مثل النفوذ السلطوي مما جعل منه بيئة معقدة يصعب فيها تغيير التشريعات المتعلقة بالضرائب وتحصيلها والسيطرة على المتهربين ضريبيا، فباختصار الصعوبات التي واجهت مدير دائرة الضرائب الروسية في طريقه الى الاصلاح أكبر و أكثر تعقيدا بل لا يمكن مقارنتها بالصعوبات التي يمكن أن تواجه “ميشوستن” أردني يسعى للإصلاح الضريبي و رغم ذلك فعلها ميشوستن، فكيف استطاع؟ وهل من “ميشوستن” أردني قادر على القفز بمنظومة التحصيل الضريبي كما فعل ميشوستن؟
بإختصار ما فعله ميشوستن هو أنه وظف الثورة التكنولوجية في خدمة دائرة الضرائب و جعل منها المراقب الأساسي و الحقيقي للتحصيل الضريبي، فقام بربط كل نقاط البيع بكاشات الكترونية متصلة عن طريق شبكة انترنت بدائرة الضرائب بحيث أن كل سلعة تباع ترسل اتوماتيكيا نسخة الكترونية من الفاتورة الى دائرة الضرائب حيث يقوم النظام المركزي مباشرة باحتساب ضريبة القيمة المضافة و اضافتها الى حساب الضرائب الخاص بالمتجر أو التاجر، وتم تزويد الفاتورة بكود الكتروني للتأكد من صحة الفاتورة وعدم تزويرها بالاضافة الى عدد من الاجراءات الوقائية الأخرى، بالتالي أصبح تهرب التجار من دفع ضريبة القيمة المضافة و ضريبة الدخل شبه مستحيل، حيث أن كل عمليات البيع مأرشفة و محتسبة الكترونيا، فتضاعف مجموع ضريبة القيمة المضافة أكثر من ثلاثة أضعاف و تضاعف مجموع ضريبة الدخل أكثر من ضعفين وقل عدد التفتيشات الضريبية حتى أصبح في العام 2018 4/1000 أي أنه يتم التفتيش على 4 من كل 1000 وحدة استثمارية سواء كانت متجرا أو مؤسسة أو شركات ضخمة مما قلل عبئ ضغط التفتيش الرقابي على المستثمرين ووفر الجهد والمال المصروف على التفتيش و الرقابة وفي نفس الوقت جعل مهمة التهرب الضريبي شبه مستحيلة.
نعرف أن التهرب الضريبي خصوصا من ضريبة القيمة المضافة في الأردن كبير، فالكثير من التجار سواء على مستوى الاستثمار الصغير أو المتوسط و الكبير يضيف ضريبة القيمة المضافة الى السلعة و لا يدفع للدولة الا جزء بسيط منها عن طريق التلاعب بالفواتير و نسمع كثيرا عن نظامين للمحاسبة واحد منهم للضريبة لا يعكس الا جزء بسيط من حجم المبيعات و الآخر للحسابات الفعلية. والسؤال المهم هو هل من “ميشوستن” أردني قادر على تحصيل الضريبة من التجار و رفد الموازنة العامة بما تستحق من ضرائب لتصب في مصلحة الوطن و المواطن؟ أم أنّ سطوة الإقطاعين تمنع كل “ميشوستن” مستقبلي من الوصول إلى ادارة الضرائب؟