في خضّم السعيّ نحو العدالة بين المرأة و الرجل تبين لي وجود خلط كبير في منظومة الم فاهيم الخاصة بالعدالة بين الجنسين لدى فئة كبيرة من مجتمعنا بسطاءَ و مثقفين و مسؤولين على حد سواء. سأحاول في هذا المقال المختصر وضع بعض النقاط على الحروف حتى نتمكن من العمل على أرضية مشتركة تخلوا من التشكيك بضرورة السعيّ نحو العدالة بين المرأة و الرجل.
يربط الكثيرون تحرّر المرأة بالتدهور الأخلاقي معتبرين أن ازالة الأغلال عن أيدي النساء ستقود المجتمع لحالة من الانفلات الأخلاقي. وهنا لا بد من التفريق بين مفهوم تحرّر المرأة و مفهوم التدّهور الأخلاقي.
تحرّر المرأة الذي تطالب فيه المنظمات الحقوقية والذي نسعى اليه هو مساواة الرجل و المرأة اجتماعيّا وقانونيّا و اقتصاديّا و تعليميّا بمعنى أن المواطن بغض النظر عن كونه ذكرا أم أنثى له الحق بأن يتساوى مع جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وهذا ما نصّ عليه الدستور الأردني في مادته السادسة التي ساوت بين جميع الأردنيين ولم تفرّق بينهم على أساس الجنس ذكرا و أنثى أو على أي أساس آخر. بل إنّ غياب المساواة بين الجنسين في أي مجال يعد خرقا واضحا لأحكام هذه المادّة من الدستور.
أما بالنسبة لمفهوم التدهور الأخلاقي فهو مختلف كليّا عن تحرّر المرأة حيث أنّ التدهور الأخلاقي يمكن أن يكون لدى الذكر و الأنثى على حد سواء والضابط الوحيد للالتزام الأخلاقي والمواطنة الصالحة هو التربية الصحيحة وليس الانتقاص من حقوق المرأة أو جعلها مواطن من الدرجة الثانية.
أتمنى أن لا يخلط أحد بين العدالة و الأخلاق. العدالة حق للجميع والأخلاق نتاج منظومة مجتمعية أسريّة عمادها التربية الصحيحة و رفض قوالب الفكر الجاهزة. العدالة من الأخلاق و الأخلاق تبلورها العدالة