المئوية الأولى للدولة الأردنية شهدت انجازات عظيمة في مراحلها المختلفة تأسيساً وتشريعاً وبناءً وتعزيزاً، شكلّت حنكة القيادة والتفاف الشعب حول قيادته وثوابته الوطنية ركائزَ النهضة وجسورَ العبور لبرّ الأمان.

هيكلٌ مؤسساتيٌّ متكاملٌ متسلسل، أساسٌ تشريعيٌّ متين، أجهزةٌ قضائيّةٌ وتنفيذيّةٌ متمكّنة، جيّشٌ قويّ، بنيةٌ تحتية كبيرةٌ وجيّدة،قوى بشريّة مؤهلَة، هذه عواملُ الإستقرار وشروطُ النهضة، فماذا نريدُ من المئويّة الثانية نحو نهضةٍ شاملة؟

العمل الوزاري.. تحديد الأهداف وربطها بأطر زمنية وخطة تمويلة واضحة لكلّ وزارةٍ ويُتركُ لشخص الوزير حريّة اختيار آليات التطبيق دون حريّة تغييرأوتحديد أهداف جديدة بشكل فردي،نسبة الإنجاز للأهداف المرسومة هي مؤشر الأداء للحقبة الوزارية،والنسبة المتدنية تستوجب تغيير كامل الطاقم الإداري للوزارة وليس شخص الوزير.من خلال تقييم أداء كل وزارة على حدى يمكن تقييم الأداء الحكومي ككل بنسبة مئوية دقيقة.

استراتيجية «الدولة المِعطاء».. الدول التي تُسخّر امكانياتها في دعم مواطينيها دول تتقدم بوتيرة عالية، والمقصود هنا بالطبع ليس دعما ماديّا مباشراً بل الحديث عن الدعم غير المباشر المتمثل بتسخير الموارد المُتاحة الطبيعية والعقارية واللوجستية لخدمة المواطن في مشاريعه واعادة صياغة القوانين المتعلقة باجازة المشاريع الصناعية والتجارية المحلية وتسهيل عملية الاستيراد والتصدير التي تشهد جموداً واحتكاراً يرتكزان على الخوف من التأثير على الانتاج المحلي وجودة الصادرات. أعتقد أنّ القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير تخلق بيئةً خصبة للجشع والغُبن التجاري أوالاحتكار وبالتالي تقود الإقتصاد لحالة من الجمود. يمكن للدولة أن تستفيد من عوائد عادلة للاستيراد والتصدير وبنفس الوقت يستفيد المواطن من السعر الأقل والسوق الأكبر والذي يخلق بيئة تنافسية عالية تحُد من الجشع والغُبن التجاري والاحتكار وبالتالي يحرك عجلة الإقتصاد.

خدمات حكومية مدفوعة الأجر.. انخراط الدولة في السوق الاستثماري المحلي دون المساس بالخدمات الحكومية الأساسية الموجودة أصلا سيكون دافعاً قويّا لعجلة الاقتصاد وسيعود على المواطن والدولة بالفائدة. دخول الدولة كمستثمر محلي في مجال الخدمات الطبية والأمنية والزراعية والتعليمية والنقل المدفوعة الأجر والتي يستفيد منها المواطن والمقيم سيُسهم بتوفير فرص عمل حكومية رافدة للخزينة وستعمل على ايجاد قطاع خاص حكومي يضمن توفير خدمات ممتازة بأسعارمناسبة.

التشريع والتطبيق.. المنطق الحقوقي هو المعيار الأساسي في سن القونين. ضمان تطبيق القانون هو الضامن الوحيد لتحقيق الأهداف التي وُجد لأجلها القانون.الأمثلة كثيرة، المادّة 16 من قانون النزاهة ومكافحة الفساد وخاصة الفقرة 7 المتعلقة بقبول الواسطة والمحسوبية –الآفة الأشد فتكاً بالمجتمع – هل تُطبّق بالمستوى المطلوب؟ هل تراجعت هذه الآفة بعد سن القانون المتعلق بها؟ من هي جهة التطبيق؟ من المسؤول عن الايقاع بالمتعاطين لهذه الآفة؟ المادّة 53 من قانون الصحة العامة؟ نفس التساؤلات التي تحتاج للتفكير واعادة النظر في طرق التطبيق.

البنية التحتية.. اعادة صياغة القوانين الناظمة للبنية التحتية حتى تواكب متطلبات العصر و التوسع المعماري الهائل والخروج عن النمط المألوف إلى أنماط جديدة توفر حلولا لكثير من مشاكل البنية التحتية.

المواطنة الحقيقية – محاولات مستمرة للتنمية والتطوير،والايمان بالمستقبل المشرق، والوقوف بوجه كل من يحاول المساس بالثوابت الوطنية التي بُني عليها الوطن والتي ضمنت دائما أمنه واستقراره ورفعته وازدهاره،المواطنة الحقيقية هي احترامنا في سعينا نحو التطوير لما تَحقّق والبناء عليه. حفظ الله الوطن قيادة وشعبا وأرضا.

لقراءة المقال في جريدة الدستور
لقراءة المقال في موقع عمون