إن لغة الكتابة موسم متطور للشخصية الملهمة فالجرافولوجي هو علم يحلل الشخصية ويكشفها عن طريق الخط، وهو علم تحكمه نظريات هندسية دقيقة وتكمن صعوبته في ترجمة هذه النظريات عملية إذ يتطلب ذلك تدريبا مكثف ومهارة في الربط بين عدة عوامل مختلفة حتى يتم الوصول من خلالها إلى أقرب صورة من حقيقة صاحب الخط وانفعالاته.

إن الطريقة التي يكتب بها الشخص اسمه وبياناته الشخصية تحدد المهارات التي يتمتع بها كما يمكن من خلال خطة الحكم على انفعالاته والتنبؤ بما قد يصيبه من أمراض.

ويمكن تحديد الوظيفة التي تناسب الشخص من خلال خطه وقد لجأت إلى هذه الوسيلة عدد من المؤسسات الكبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا لتعيين الشباب في الوظائف المرموقة إذ أن نتائج تحليل طريقة كتابته تكون مطابقة لطبيعة شخصيته بنسبة لا تقل عن نتيجة المقابلة الشخصية.

وهنالك عددا من المؤسسات الكبيرة تستعين بهذا العلم عند تعيين الموظفين فيها لأن ذلك يوفر على صاحب العمل فترة طويلة جدا من التحري عن المتقدم للوظيفة وتحديد ما إذا كان يصلح هذا الشخص للوظيفة أم لا.

ويؤدي تعديل الخطوط إلى تغيير في السلوك كما أن هذه الوسيلة تساعد الأطفال على تنمية مواهبهم وتعلمهم التركيز والصبر والهدوء.

ومن خلال الخط يمكن تحليل شخصية الفرد بدقة متناهية وكشف أسراره وما يحاول أن يخفيه عن الناس وربما عن نفسه أيضا، ومعرفة إن كان صاحب الخط بخيلاأو كريماأو عاطفيا أو جاد الإحساس، رقيقا أو عنيف، محبا أو عدواني متفائلا أو متشائما بليدا أو طموحا، كما يعكس خلفيته الثقافية ومهارته اليدوية ودرجة أناقته ومدى خضوعه للروتين أو تبرمه منه وغير ذلك.

والجرافولوجي علم كله ثوابت فلو طلب من شخص كتابة اسمه وكان في أول اسمه حرف الألف وكتبها بعيدة عن باقي حروف الاسم فهذا يدل على ميله إلى الوحدة وإذا كتبه مرة قريبة من الحروف ومرة أخرى بعيدا عنها فهذا يعني أنه ضعيف الثقة بنفسه والذي يكتب الصاد أو الضاد في صورة مثلث يتسم عادة بالعصبية الشديدة، أما الذي يكتبها في صورة دائرة فهو كتوم وغامض ولا يعبر عما بداخله بسهولة، وكلما اتسعت الدائرة في الحرف دل ذلك علي كرم هذا الشخص سواء في المال أو العواطف أو الإنتاج.

إن هناك اختلافا كبيرا بين هذا العلم وبين ما يستخدمه خبراء التزييف والتزوير والأدلة الجنائية الذين يتعاملون أيضا مع خط الإنسان حيث يعتمدون على الطرق الكيماوية في الكشف عن الأحبار وعمر المداد وتاريخ الكتابة وأنواع الورق كما أنهم يقارنون الأشكال المرسومة على الورق المعرفة ما إذا كان الخط لنفس الشخص.

وتدخل في ذلك طريقة الضغط على الورق ورسم الحروف وبداياتها ونهاياتها، وربما كان هذا هو الجزء المشترك بين علم تحليل الشخصية عن طريق الخط وعلم تزييف وتزوير الخطوط

وقد لاحظ العلماء أن الشخص يتعرض طوال فترة حياته لنفس التراكيب الخطية المنتظمة التي تعلمها في الصغر والتي يحاول أن يقلدها كما هي ولكن مع مرور العمر تظهر شخصية الفرد الذاتية على الخطوط بما يمكنه من تغيير الخط بناء على تركيبة شخصيته وبالتالي يمكن ملاحظة التطور العمري عن طريق الخط، فالخط في الطفولة يميل إلى الاستدارة والكبر وعدم الانتظام أحيانا ومع مرور السنوات والنمو يتحكم الإنسان في جهازه العصبي، وبالتالي يتغير الخط ويعكس في هذه الحالة المرحلة العمرية.

لقراءة المقال في جريدة الدستور