يرتبط ازدهار الفنون عامة؛ والفنون المسرحية بصفة خاصة؛ بما يحققه المجتمع من تقدم فى ميادين الفكر والاقتصاد والسياسة؛ وفى طريقة الحياة.. ويأتى دور المسرح فى تصحيح المسار وترسيخ القيم الإنسانية؛ فهو منبر ثقافى متنوع؛ له العديد من الأهمية الثقافية والفكرية والمعرفية والترفيهية؛ وتنبئ الأحداث الراهنة عن عودته للازدهار فى المستقبل القريب؛ لاسيما وأن له دورا بارزا فى إعادة تشكيل الوجدان العام فى اتجاه القيم والعادات الأكثر نفعا وتقدما.

ومنذ عام ١٩٥٩ والمسرح العام يتطور فى شتى أشكاله بمصر: لدرجة أن عددا من دور السينما تحول إلى مسارح؛ وشملت هيئة المسرح العديد من الأنشطة؛ كالمسرح الحديث والمسرح العالمى والمسرح الكوميدى والمسرح التراجيدى والمسرح الواقعى والمسرح التاريخى والمسرح الترفيهى ومسرح الأطفال ومسرح الحكيم ومسرح الجيب والمسرح القومى ومسرح العرائس ومسرح الجزيرة الفرعونية؛ إلى جانب المسارح الخاصة… وترتب على ذلك ظهور كتاب مسرح على درجة عالية من الثقافة والفكر؛ فى مقدمتهم: إسماعيل عاصم؛ إبراهيم رمزى؛ أحمد شوقى؛ محمد تيمور؛ على أحمد باكثير؛ محمود تيمور؛ نجيب محفوظ.

وهناك مسارح خصصت لتقديم الحفلات الموسيقية وعروض الباليه والأوبرا؛ وتكاملت العروض المسرحية بسبب التطورات الفنية لأساليب التأليف والإخراج والتمثيل؛ كما صار هناك مسرح نثرى؛ ومسرح شعرى؛ كما يوجد كتاب ومخرجون كبار.

وكانت هناك منافسة قوية بين الفرق المسرحية؛ حتى أن دور العرض زادت مع زيادة إنفاق الدولة فى هذا الاتجاه؛ وأصبح المسرح الخاص منافسا قويا لمسارح الدولة؛ وظهرت مسارح بأسماء وألقاب أبطالها؛ وكان لمثل هذه المسارح أعمال مسرحية خلدها التاريخ الثقافى؛ واستمرت الاكتشافات الفنية لعدد من الممثلين المسرحيين؛ من بينها (مسرح الريحانى) و(مسرح صبحى) و(مسرح نجم) و(مسرح الزعيم) و(مسرح المجتمع)؛ و(مسرح مصر) الذى أشرف على فرقته الفنان أشرف عبدالباقى؛ إلى جانب الجهود التى بذلها محمد صبحى.

ومع ازدهار التاريخ المسرحى؛ وخلود بعض أعماله فى ذاكرة الثقافة والجمهور المتابع لهذه الأعمال؛ يظل للمسرح المصرى مكانة قوية؛ خلدت خلاله بعض الأعمال؛ مثل مسرحيات: يوسف وهبى؛ وعادل خيرى؛ ومارى منيب؛ وفؤاد المهندس؛ وشويكار؛ ومحمد عوض؛ وعادل إمام؛ وسعيد صالح؛ وسهير البابلى؛ وعبدالمنعم مدبولى؛ وسمير غانم؛ ومحمد صبحى؛ ومحمد نجم؛ والتى مازالت تعرض حتى الآن على شاشات التليفزيون؛ إلى جانب المسرحيات التى عرضها «مسرح مصر» مؤخرا وذاع صيتها فى مصر وعدد من الدول العربية.

ومع انحسار أعماله مؤخرا؛ إلا أن الأمر يحتاج إلى النظر فى سياسة دعم أنشطته؛ وتقليل عدد الإداريين العاملين بهذا القطاع؛ ووضع سياسة لتحقيق تناسب مقبول بين عدد السكان ودور العرض؛ وإقامة مسارح بالمدن الجديدة؛ وإعادة النظر فى أجور الفنانين للحصول على نصيب فى حق الأداء العلنى بعد تسويق العمل الفنى؛ والاهتمام بدور الثقافة الجماهيرية والإقليمية والنشاط المسرحى العام والغنائى والجامعى والمدرسى؛ الأمر الذى يحقق عودة قوية للأنشطة المسرحية لأداء دورها المجتمعى المنشود؛ ولاسيما «مسرحة المناهج» بوزارة التربية والتعليم بصورة منهجية تجد إقبالا متزايدا من الطلاب فى اعتمادهم الراهن على تحديث «العروض المنهجية المتطورة».