لمفرق -الخميس ٢٤/٨/٢٠٢٣

اكدت جلسة نقاشية بعنوان عقوبة الاعدام والحق في الحياة نظمها مركز عدالة لدراسات حقوق الانسان بالتعاون مع مؤسسة أدوات الاحتراف للتدريب وبناء القدرات .

اودعت الجلسة النقاشية التي ادارتها الدكتورة ميسون تليلان المدير العام لمؤسسة ادوات الإحتراف والتي شارك فيها منظمات مجتمع مدني وجمعيات ثقافية وخيرية وحقوقيون في المفرق ان معظم دول العالم تتجه لإلغاء عقوبة الاعدام بعد التوصل لقناعات اكيدة بعدم تشكيلها الرادع المناسب للحد من الجريمة والخروج على القانون ولتناقضها مع مبادئ حقوق الانسان الداعية الى الحفاظ على حق الانسان بالحياة بدل سحبها منه.

وقال القاضي الأسبق جهاد الدريدي انه اكاد اجزم ان جميع دساتير العالم تتضمن نصوصاً على حماية الحق في الحياة وقد جاءت مجمل الاتفاقيات والمواثيق الدولية لتعزز وتؤكد على حماية هذا الحق الا ان التشريعات العادية تتفاوت في الالتزام بتنظيم هذا الحق لجهة الغاء عقوبة الاعدام باعتبارها تتعارض جذرياً مع حماية الحق في الحياة او حتى حصرها في اشد الجرائم خطورة .

ولفت الى ان حماية الحق في الحياة مرتبط بشكل اساسي بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة وانه كلما تقدمت الدول وتمكنت اقتصادياً واجتماعياً واستقرت سياسياً وضمنت اكثر استقلال سلطتها القضائية كلما كانت قادرة اكثر على توفير ضمانات المحاكمة العادلة والعكس بالعكس ، مشيرا الى ان اقوى الحجج التي يسوقها مؤيدي عقوبة الإعدام هي ان هذه العقوبة تحقق الردع العام وتهدف الى منع وقوع الجرائم التي تقتضي هذه العقوبة او تكرارها ؛ الا انه لا يوجد دراسات تؤكد ان هذه العقوبة تحقق هذا الهدف واذا كان بالإمكان ملاحظة امر فان الدول التي الغت عقوبة الاعدام هي اقل الدول التي ترتكب فيها جرائم تعاقب عليها قوانينها بالإعدام وان اكثر الدول توسعاً في تطبيق عقوبة الاعدام هي اكثر الدول التي تسجل ارتفاعاً في نسبة وقوع الجرائم التي تعاقب عليها قوانينها بعقوبة الاعدام وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على انه ليس من الثابت ان هذه العقوبة تحقق هذا الهدف .

وأضاف الدريدي الى ان اقوى الحجج التي يسوقها مناهضو عقوبة الاعدام هي ان هذه العقوبة نتاج عمل بشري موسوم بالنقص واحتمال الوقوع في الخطأ الذي لا يمكن تداركه باعتبار ان هذه العقوبة استئصالية تقوم على اجتثاث المحكوم عليه بالإعدام من المجتمع فاذا تبين لاحقاً خطأ الحكم الذي تضمنها باي صورة من الصور فانه لا يمكن تدارك هذا الخطأ وقد اثبتت التجربة الوقوع في مثل هذه الاخطاء الامر الذي يؤكد ان الدول التي تتوسع في تطبيق هذه العقوبة تقصر حتماً في حماية الحق في الحياة الذي تنص عليه دساتيرها والاتفاقات التي وقعت وصادقت عليها والتزمت بموجبها بحماية هذا الحق .

وتناول الدكتور عامر الحافي أستاذ العقائد في كلية الدراسات الفقهية في جامعة ال البيت، التأصيل الفقهي في الإسلام لعقوبة الاعدام، لافتا الى ان عقوبة القتل تقع وفق المنظور الفقي في التراثي الإسلامي في حق الشخص الذي يرتكب أحد الافعال التالية: القتل العمد، الردة عن الاسلام والزاني المحصن، بالاعتماد على حديث: ” لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة” رواه البخاري ومسلم.

وتناول الدكتور الحافي، اشكال العقوبات بين الحد الأعلى والادنى للعقوبة، من انه لا بد عند دراسة الأحكام التشريعية في القرآن الكريم من اعتبار التطور التشريعي ومراعاته لحاجات المجتمع إبان التنزيل، كما لا بد من القول إن هذا التدرج ليس مقصوراً على “عصر التنزيل” وانما يتجاوز ذلك الى العصور كلها من خلال الاجتهاد مبينا الأسس التي يقوم عليها القول بإيقاف العقوبة بالقتل، وموقف الشريعة الاسلامية من إيقاف عقوبة الإعدام.

وأشار الى ان الشريعة الإسلامية تقوم على خمس مقاصد أساسية في عموم أحكامها العملية، وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال لافتا الى موضوع العقاب والعفو حث ذكر القرآن عقوبة القتل إلى جانب حديثه على العفو والتقوى ومنع الفساد وإقامة العدل، بكل أبعاده النفسية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية.

وفي نهاية الجلسة دار نقاش شامل تم خلاله الإجابة على استفسارات الحضور، مشيرين الى أهمية تواجد قيم تربوية في المجتمعات تعالج الخلل إضافة الة توفير عدة خيارات لأشكال العقوبة في المجتمعات والعصور وان لا يكون شكلي وحدي.