يمر النظام العالمي حاليا بمرحلة تحولات سياسية واقتصادية لا يمكن انكارها قد تنتهي بنا بعالم متعدد الأقطاب بعد عالم أحادي القطب بدأ بالتشكل بعد الحرب العالمية الثانية واكتملت فيه هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي قبل ثلاثة عقود، واليوم وبعد أن عادت روسيا الاتحادية إلى الساحة الدولية بقوة وفرضت نفسها لاعبا أساسيا لا يمكن تجاهل مصالحه القومية وبعد بروز الصين عملاقا اقتصاديا وقوة عسكرية ضخمة بدأت التغيرات تتوالى على النظام العالمي الحالي وكان أبرز هذه التغيرات تشكل قطبا عالميا اقتصاديا جديدا أو ما يدعى بمنظمة بريكس (BRICS) الاقتصادية

(Brazil Russia India China South Africa)

بدأ التشكل الفعلي لمنظمة بريكس في العام 2006 في اطار مؤتمر بطرسبيرغ الاقتصادي بمشاركة وزراء اقتصاد البرازيل وروسيا والهند والصين انذاك كانت تدعى بريك وبانضمام جنوب افريقي في العام 2010 اصبحت تدعى بريكس الحروف الاولى من اسماء الدول الخمس،ومن المقتح حاليا تسميتها ب(بريكس +) بعد إعلان رئيس جنوب أفريقيا في 24 أغسطس 2023 خلال قمة بريكس المنعقدة في بلده عن قبول انضمام ست دول جديدة لبريكس وهي السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران اعتبارا من 1 يناير 2024، وهنا يكمن «مربط الفرس»؛ إذ ان انضمام هذه الدول للمنظمة يعلن بريكس رسميا قطبا اقتصاديا عالميا ثانيا ويضع اتفاقية البترودولار على المحك إذ سيستمد الدولار الأمريكي قوته بعد هذا الانضمام من النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي الأمريكي فقط.

تكمن قوة منظمة بريكس في كونها تبسط نفوذها في الوقت الراهن على 26.7% من مساحة العالم بالاضافة إلى تعداد سكاني لأعضاء المنظمة قرابة 41.6% من اجمالي سكان العالم بما مجموعه 31.3% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي لدول العالم و20.4% من حجم الصادرات العالمية ناهيك عن انضمام الدول الست في بداية عام 2024 وما سيعكسه هذا الانضمام على هذه النسب، ناهيك عن ابداء دول كثيرة اهتمامها بالانضمام لبريكس.

العامل الأهم في تطور منظومة بريكس الاقتصادية هو بنك بريكس باحتياط نقدي يقارب ال 100 مليار دولار كحد أقصى في الوقت الراهن مما سيجعله منافسا قويا للبنك الدولي في مجال القروض الدولية ومن هنا قلنا إن بريكس تكاد تكون أول معالم العالم متعدد الأقطاب.

لا شك أن استخدام المؤسسات الإقتصادية الدولية والعملة الوطنية كأدوات ضغط سياسي واقتصادي وحتى عسكري – في بعض الأحيان–من قبل الدول العظمى يزعزع ثقة الدول بهذه المؤسسات وينتج بيئة خصبة لتشكل كيان أو كيانات اقتصادية دولية بديلة كمنظمة بريكس، والسؤال الذي يهمنا محليا في وسط هذه الثورات الإقتصادية العالمية مدى حاجتنا لتنويع مصادر دعم العملة الوطنية من تطوير للصناعات المحلية وتشجيع الاستثمار ومحاربة الاحتكار بكل أشكاله ومحاربة البيروقراطية والفساد لنتمكن من دعم احتياطيات البنك المركزي ورفع نسب سداد الدين الخارجي إذ أنّ التحدي الأكبر وكما أشار جلالة الملك أكثر من مرة هي التحديات الاقتصادية.

لقراءة المقال في جريدة الرأي