إن اللغة كيان متكامل في منطق الشخصية المتفوقة حيث إن الطفل يلاحظ الأشياء حوله بحواسه الخمسة سواء ما تفعل الطبيعة أو الحيوان أو الإنسان سواء بالنسبة إلى الطفل أو إلى بعضهم البعض كما يلاحظ ردود الفعل اعماله بالنسبة إلى الطبيعة أو الحيوان والإنسان فمثلا يرى الشمس والماء والشجر والمروحة والمصباح ويصطدم بالهواء والحرارة ويسمع الأصوات الطبيعية والحيوانية والإنسانية،ويري معاملة بعض أفراد الحيوان للبعض الآخر، الحيوانات الداجنة وبعض أفراد الإنسان لبعض في التعلم والتعارف والمصارعة ونحوها كما يرى أنه إذا فعل فعلا صار رد الفعل كذا، فمثلا إذا ذهب إلى النار احترق أو إلى السلم سقط، أو إذا بكي حملوه أو أطعموه وهكذا ثم إنه يأخذ كل شيء ليراه جيدا ويدخله في فمه ليعرف مذاقه وهكذا فإذا عرف الأشياء يدخل تدريجا في عالم الأفكارأي يعرف ما وراء الأشياء مثلا يرى الكبريت ثم بعد ذلك يشعر بأنه إذا قدح شبت منه النار ويرى الدينار ثم يعرف أنه ذو قيمة وهكذا وبكل ذلك تنمو شخصيته ولذا كانت الشخصية رهينة الأفعال وردود الأفعال المحيطة به فإذا حقروا الطفل نشأ محقر ذا عقدة وإذا عظموه نشأ كبيرا سمح وهكذا بالنسبة إلى الكرم والبخل والشجاعة والجبن واللطف والخشونةوالنظافة والوساخة والأدب وسوء الأدب وغيرها فإن الملكات كالبذور تبذر في النفس ويعتني بها فتنمو من جنس ذلك البذر الذي بذر فيها.. وبالجملة فالشبكات الاجتماعية الهائلة تأخذ شيئا فشيئا تحيط بالطفل فعلا ورد فعل وفي وسط تلك الشبكات تنمو ملكاته .
وحيث إن في الإنسان حالة حكيمة داخلية مما يسمى (برؤية الحسن والقبح) وحيث أن الاجتماع وليد ضغوط ونتائج حاصلة من تلك الضغوط، بالأهم والمهم، والماضي والحال والمستقبل فميراث الماضي حيث يأخذ القدسية والعادة ومصالح الحاضر والاستعداد للمستقبل وفي كل هذه الثلاثة الأهم والمهم يضع المهم مكانه للأهم، كما أن الأهم من الماضي يزاحم المهم في الحاضر والأهم المستقبلي يزاحم المهم في الماضي والحاضر حيث كل ذلك، تتكون عند الشخص شخصيتان شخصية ضميرهو شخصية اجتماعية فإذا خلى ونفسه أو بأفراد عرفه الخاص الذين أطر شخصياتهم شبيهة بالآخر أظهر ضميره وتكلم وعمل بكل حرية أما إذا كان مع الاجتماع اضطر إلى أن يتنازل إلى شبكة الاجتماع حذر من أن يفقد مصالحه وهذا ليس ثقافيا.
تفترض نظريات سمات الشخصية ونظريات التحليل النفسي أن سلوك الناس في كثير من الحالات مرجعه أمزجة عامة تكمن داخل شخصياتهم غير أن البحوث الجارية حول درجة ثبات سمات الشخصية تدل على أن أفعال الناس وتفكيرهم وشعورهم قد تعتمد إلى درجة كبيرة على الظروف المحيطة بالسلوك فقد يتحلى الإنسان بالأمانة في إحدى الحالات وبعكسها في حالات أخرى وقد يكون مسالما في بعض الحالات وعدوانيا في حالات أخرى أو مع أناس آخرين لذا تضع كثير من المناهج المعاصرة لدراسة الشخصية تأكيدا على الدور الذي تؤديه التجارب الاجتماعية والأحداث البيئية في تطور السلوك وتعديله وتبعا لذلك أخذ علماء النفس يبتعدون تدريجيا عن صياغة نظريات عامة حول طبيعة الشخصية وعوضا عن ذلك يقومون بدراسة الظروف التي تحدد السلوك الإنساني المعقد.