انطلاقا من أن الشخصية تعبر عن الجوهر الاجتماعي الحقيقي للإنسان ، فقد عرفها والف لينتون، بأنها«المجموعة المتكاملة من صفات الفرد العقلية والنفسية، أي المجموع الإجمالي لقدرات الفرد، العقلية وإحساساته ومعتقداته وعاداته، واستجاباته العاطفية المشروطة».

وهكذا يعبر مفهوم الشخصية عن الوصف الاجتماعي للإنسان، والذي يشمل الصفات التي تتكون عند الكائن البشري من خلال التفاعل مع المؤثرات البيئية، والتعامل مع أفراد المجتمع بصورة عامة، وهذا ما يعبر عنه (بالجوهر الاجتماعي للإنسان)، أي أنها مجموعة الخصائص والصفات التي تميز فردا ،إنسانا بذاته، عن غيره في البنية الجسدية العامة، وفي الذكاء والطبع والسلوك العام.

تعد الثقافة عملا مهما في تصنيف المجتمعات والأمم، وتمييز بعضها من بعض ، وذلك بالنظر لما تحمله مضمونات الثقافة من خصائص ودلالات ذات أبعاد فردية واجتماعية، وأيضا إنسانية، ولذلك، تعددت تعريفات الثقافة ومفهوماتها، وظهرت عشرات التعريفات منها ما أخذ بالجوانب المعنوية والفكرية، أو بالجوانب الموضوعية، المادية، أو بكليهما معا، باعتبار الثقافة في إطارها العام تمثل صيرورة المجتمع الإنساني، وإبداعاته الفكرية والعلمية.
ولعل أقدم تعريف للثقافة، وأكثرها شيوعا، ذلك التعريف الذي وضعه إدوارد تايلور، والذي يفيد بأن الثقافة«هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد، والفن والأخلاق والقانون، والعادات وغيرها من القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع.

إن ثقافة المجتمع، تتكون من كل ما يجب على الفرد أن يعرفه أو يعتقده، بحيث يعمل بطريقة يقبلها أعضاء المجتمع.. إن الثقافة ليست ظاهرة مادية فحسب، أي أنها لا تتكون من الأشياء أو الناس، أو السلوك أو الانفعالات، وإنما هي تنظيم لهذه الأشياء في شخصية الإنسان، فهي ما يوجد في عقول الناس من أشكال لهذه الأشياء».

وربما يكون أحدث مفهوم للثقافة الذي ينص على أن الثقافة بمعناها الواسع يمكن النظر إليها على أنها«جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية، التي تميز مجتمعا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل  الفنون والآداب وطرائق الحياة.. كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم والمعتقدات والتقاليد»..

ويعتقد معظم علماء الأنثروبولجيا أن الحضارة ما هي إلا مجرد نوع خاص من الثقافة، أو بالأحرى، شكل معقد أو «راق» من أشكال الثقافة، وبذلك لم يعتمدوا قط، التمييز الذي وضعه علماء الاجتماع بين الثقافة والحضارة.. فمن المعروف أن بعض علماء الاجتماع يميزون بين الحضارة بوصفها «المجموع الإجمالي للوسائل البشرية، وبين الثقافة بوصفها «المجموع الإجمالي للغايات البشرية».

ان الثقافه النفسية والاجتماعية  تحتوي على ثلاثة مفاهيم أساسية هي التحيزات الثقافية وتشمل القيم والمعتقدات المشتركة بين الناس والعلاقات الاجتماعيةا لتي تشمل العلاقات الشخصية التي تربط الناس بعضهم مع بعض وأنماط أساليب الحياة  التي تعد النتاج الكلي المركب من التحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية.

وهذا يعني أن الثقافة تهدي الإنسان إلى القيم، حيث يمارس الاختيار ويعبر عن نفسه بالطريقة التي يرغبها، وبالتالي يتعرف إلى ذاته، ويعيد النظر في إنجازاته وسلوكاته، وعلى الرغم من ذلك، فإن أي ثقافة لا تؤلف نظاما مغلقا، أو قوالب جامدة يجب أن يتطابق معها سلوك أعضاء المجتمع جميعهم.

ويتبين من التأكيد على حقيقة الثقافة السيكولوجية، إن الثقافة بهذه الصفة، لا تستطيع أن تعمل أي شيء، لأنها ليست سوى مجموع من سلوكات وأنماط وعادات تفكير ، عند الأشخاص الذين يؤلفون مجتمعا خاصا، في وقت محدد ومكان معين، فالثقافة لا توجد إلا بوجود المجتمع، والمجتمع من جهته، لا يقوم ويبقى إلا بالثقافة، لأن الثقافة طريق متميز لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها، وهي التي تمد هذه الجماعة بالأدوات اللازمة لاستمرار الحياة فيها، وإن كانت ثمة آثار في ذلك لبعض العوامل البيولوجية والجغرافية.

* رئيسة الاتحاد النسائي الأردني العام

لقراءة المقال في جريدة الدستور