إن الحرية والمسؤولية حدودهما وأبعادهما في مرجعية الشخصية القوية أسس ثابتة في كاريزما المنطق المبدع لدى الفرد المتطور دائما باتجاه الصناعة الذاتية الصحية حيث أن الفرد ينمو ويتطور، وكذلك شخصيته تتطور وتنمو من جوانبها المختلفة، داخل الإطار الثقافي الذي تنشأ فيه وتعيش وتتفاعل معه حتى تتكامل وتكتسب الأنماط الفكرية والسلوكية التي تسهل تكيف الفرد، وعلاقاته بمحيطه العام. وليس ثمة شك في أن الثقافة مسؤولة عن الجزء الأكبر من محتوى أي شخصية، وكذلك عن جانب مهم من التنظيم السطحي للشخصيات، وذلك عن طريق تشديدها على اهتمامات أو أهداف معينة، ويكمن سر مشكلة العلاقة بين الثقافة والشخصية في السؤال التالي :

إلى أي مدى يمكن اعتبار الثقافة مسؤولة عن التنظيم المركزي للشخصيات؟ أي عن الأنماط السيكولوجية؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن للتأثيرات الثقافية أن تنفذ إلى باب الشخصية وتعدلها؟.

إن الجواب على هذا التساؤل، يمكن في أن عملية تكوين الشخصية هي عملية تربوية تعليمية تثقيفية، حيث يجري فيها اندماج خبرات الفرد التي يحصل عليها من البيئة المحيطة، مع صفاته التكوينية، لتشكل معا وحدة وظيفية متكاملة تكيفت عناصرها، بعضها مع بعض تكيفا متبادل، وإن كانت أكثر فاعلية في مراحل النمو الأولى من حياة الفرد.

ويمكن أن نطلق اسم التثقيف أو المثاقفة، على جوانب تجربة التعليم التي يتميز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، ويوصل بها إلى إتقان معرفة ثقافته، والتثقيف في جوهره، سياق تشريط شعوري أو لا شعوري، يجري ضمن الحدود التي تعينها مجموعة من العادات، ولا ينجم عن هذه العملية التلاؤم مع الحياة الاجتماعية القائمة فحسب، بل ينجم عنها أيضا الرضا، وهو نفسه جزء من التجربة الاجتماعية، ينجم عن التعبير الفردي وليس عن الترابط مع الآخرين في الجماعة.

وإذا كان هر سكوفيتز قد ركز على الاستمرارية التاريخية في الثقافة، من خلال عملية

المثاقفة، فإن سابير يشدد على ا لعلاقة بين الثقافة والشخصية، استنادا إلى الأساس اللغوي الذي كان له التأثير الكبير في الأنثروبولجيا البنيوية.

يقول سابير: «هناك علاقة أساسية بين الثقافة والشخصية، فلا شك في أن أنماط الشخصية المختلفة، تؤثر تأثيرا عميقا في تفكير عمل المجموعة بكاملها، وعملها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تترسخ بعض أشكال السلوك الاجتماعي، في بعض الأنماط المحددة من أنماط الشخصية، حتى وإن لم يتلاءم الفرد معها إلا بصورة نسبية.

واذا كان ثمة فرق بين الشخصية والثقافة فان ذلك يعود الى الفرق في الاسس التي تقوم عليها كل منهما ، فالشخصية تعتمد على دماغ الفرد وجهازه العصبي ودورة حياتها ماهي الامظهر من مظاهردورة حياة الجسم الانساني، اما الثقافة فتستند الى مجموع ادمغة الافراد الذين يؤلفون المجتمع، وبينما تتطورهذه الادمغة كل بمفرده وتستقر ثم تموت،تتقدم دوما ادمغة جديدة لتحل محلها ومع انه توجد حالات كثيره من المجتمعات والثقافات التي طمستها قوى خارجه عنها، الا انه من الصعب ان نتصور ان المجتمع او ثقافته يمكن ان يموت بسبب الشيخوخة وهنا يتجلى تاثير الثقافة القوي والفاعل في تكوين شخصية الانسان كفرد وبالتالي المجتمع.

*رئيسة الاتحاد النسائي الأردني العام

لقراءة المقال في جريدة الدستور

لقراءة المقال في موقع عمون