كثر في هذه الأوقات دون غيرها تراشقات عنيفة وهدوء أشبه بالموت ألسريري و في نفس الوقت في الانتخابات الدينية والعرقية والهوية في وطن واحد يعتبر مكانا محايدا يمكن للجميع على حد سواء ان يتواصل فيه ويعبر عن قضاياه بغض النظر عن الاختلافات والصراعات المذهبية ويمكن أيضا التفاعل والمشاركة فيه في مساحة شاسعة من الحرية المسئولة حدها السماء بعيدا عن الذات والآخر وأهواء النفس البشرية، والجميع لا يستطيع ان ينكر ان هذا المكان المحايد أصبح بيئة خصبة وثرية لخلق لغة شراكة مجتمعية مبنية على ان يستفيد من نتاجها الجميع في قالب التنمية المستدامة بخطى سيد البلاد وهو صاحب الفضل في ذلك، بكل مصداقية ومن هنا نبدأ.
ان البناء السياسي لأي بلد ديمقراطي مكون من الحكومه والمواطن والأحزاب ولكن هل هناك دور للأحزاب والمواطن؟ الجميع يعلم تمام العلم ان الجواب لا.
هذا الثالوث يجب ان يكون في إطار الوطنية ولكل ثلث منهم حقوقه ومسؤوليته مع التركيز على ان الخريطة ليست المنطقة واقع ملموس .
منذ عدة سنوات بدا العمل في التنمية السياسيه, لان الحاجة ماسة لتفعيل البناء السياسي الذي يليق بهذا البلد وهذه القياده ولان مثل هذا البناء لا يقف إلا على ثلاثة.
الأردنيون ومنذ الستينيات عرفوا عن الحزبية في ضوء تجربتهم في الخمسينيات واستمر ذلك حتى يومنا هذا، ويعود السبب في تردد الناس في الانضمام الى الأحزاب الى الصورة السلبية للأحزاب التي كانت في الخمسينيات والستينيات وأسلوب علاجها من قبل الحكومة والتي كانت تتلقى فيه الأحزاب التوجيه والتمويل والأوامر من الخارج وكان بعض هذه الأحزاب يسعى لتغيير هوية هذا الوطن ولا ألوم الحكومات في أسلوب علاجها لأن البلد في تلك الفترة كان في مهب الريح ومقصد الجميع من الطامعين والمغرضين.
وهذه الأحزاب مازالت موجودة ولم تتغير أجندتها ولا ارتباطها بالخارج أما الأحزاب الأردنية الجديدة فهي أحزاب لا يعرف الأردنيون فيها إلا أسماء الأشخاص المسيطرين عليها – اي زعمائها- وبالتالي فهي مجرد أسماء وشعارات بلا مضمون أو هدف , لذلك يرفض المواطن الأردني الانضمام الى الأحزاب القديمة أو الجديدة على حد سواء.
وللأسف مازالت التشريعات تتخبط في إيجاد قانون يخلق أحزاب فعالة قادرة على حمل البناء السياسي للبلد، وليست المشكلة في إيجاد تشريعات تنظم تأسيس الأحزاب وتفعل دورها ولكن المشكلة في ان صانعوا القرار يبحثون في أسباب نظرية بعيدة عن الواقع وحتى نفعل ذلك لابد من ان تكون الخريطة مناسبة للمنطقة.
مع العلم ان المنطقة لا يقين لها بالخرائط حتى يتكلم المواطن والحزبي على خريطة الطريق , في حين ان المنطقة أعمق باتجاه الوجدان الوطني، فهي الملامسة اليقينية لكل الأفكار والمصطلحات والمفاهيم،والأصل في الخريطة ألا تقبل إلا التحرر في روعة الوجود والمنطقة ، هذا المفهوم في الإطار السياسي للبلد أكثر دقة والتزاما وأكثر محدودية فكأنها جزء من فلسفة الوجود كله .
وعليه فان الخرائط هي فلسفة الوجود بالقانون والمنطقة هي فلسفة القانون داخل الوجود،فكيف تكون خريطة البناء السياسي للبلد ليست المنطقة مع العلم ان الخريطة علم فلسفة الجماعة او المجتمع جاهزة فيه الأمور بمنطق الدولة وفلسفة التأسيس عند الدولة بشقيها التشريعي والتنفيذي بينما المنطقة هي عقل كل فرد من الأفراد داخل الدولة. ومناطق الأفراد كثيرة ومختلفة ومتداخلة في صنوف الناس توحدهم لغة الدستور و القانون ويختلفون في منابت فكرهم وأصولهم ليجتمعوا على ما هو غير قابل للتفرقة كالدين والقانون والعشيرة وغيرها من قوانين الطبيعة ولعلي اسأل سؤالا اظنه بالصب.
متى ستكون خريطة التنمية السياسية مناسبة للمنطق؟
فعندها نجد حلا لما بين الأقواس لتتلاشى الأقواس وتصبح سطورا يكتب عليها كل الحلول ضمن الخريطة المناسبة للمنطقة.