إن الأردن دولة محورها الانسان، الذي كان و ما زال نواة البناء والتنمية في الدولة، قدم الكثير واخذ على عاتقه كافة التحديات والصعوبات التي جعلت من اليأس والاحباط صفة ملازمة لمسيرة البناء والتنمية ، ليس لضعف الانجاز وانما لازمة ثقة قوامها التشكيك، اختلفت فيه معالم الثقة عبر عقود من الزمن وخلال تراكمات الاجهاد في تحمل الظروف الصعبة التي يعيشها البلد، حيث اقتصرت على الجانب المظلم لمخرجات الاجهاد المتراكم الذي يعيشه المواطن الاردني وانعكست باشكال التشكيك وانعدام الثقة ، فهذا جانب من الواقع لا نستطيع انكاره ولّد الياس والاحباط، وبنفس الوقت لا بد من وجود جانب اخر اكثر ايجابية يعكس ايضا تلك المخرجات لحالة الاجهاد في مسيرة البناء والتنمية، وهذا ما تفرضه وتثبته اهم نواميس الكون التي تفضي الى ان الياس والاحباط لا يولد الا الانسحاب ويعزز من ازمة الثقة بين الحكومة والمواطن، في حين ان النظرة الايجابية تولد الاصرار وتوجد الكثير من الفرص للخروج من الازمة وتبعث الطاقة اللازمة لمواجهة التحديات والصمود امام كافة اشكال صعوبات الحياة ،والتي تتلخص في ان المواقف والتجارب والقرارات التي نعيشها لها وجهان.
وقال جلالة الملك بصريح العبارة في ان الأردنيين والأردنيات يستحقون الكثير، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الـمقدمة لهم في مجالات الصحة والتعليم والنقل. لذلك، فإن على الحكومة العمل على تطوير نوعية هذه الخدمات، ويجب على كل من يعمل في الـمؤسسات العامة أن يفتخر بأن عمله هو خدمة الإنسان الأردني.
ندرك في ظل هذه الظروف الراهنة ان اهم مشكلة تواجه حكومة الرزاز هي ازمة ثقة من نوع قاس بنظام ثنائي مفاده اما الحل السحري او الدخول في فوضى الاعتصامات والمظاهرات التي تضع العصا في دواليب عجلة الاصلاح وتعطيل الحاجة للانتقال لنهج جديد تدار به البلاد.
وبوجهة نظر حيادية بعيده عن التعاطف والتحيز لاي طرف، فأني مقتنع جدا بتفعيل حالات علم النفس الايجابي،الذي يهتم بالوقوف على خصائص السلوك السوي، ومقوماته وقوانينه الأساسية، فعلم النفس الايجابي يهتم بالدراسة العلمية لما يحقق السعادة للناس، ويسعى لتعزيز قدرات الشخصية المتعددة، كالصمود والصلابة النفسية والتفكير الإيجابي وغيرها، وإلى تدريب الأفراد على مواجهة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها، والتخلص من الاحتراق النفسي، وإلى تحسين الرضا عن الحياة وجودتها، وإلى دراسة الظروف والعمليات التي تسهم في الوصول إلى أعلى أداء وظيفي للناس والجماعات والمؤسسات. إضافة الى اهتمامه بالمجتمع، فعلم النفس الايجابي يسعى إلى تنمية الفضائل وتفعيل دور المؤسسات المدنية، التي تعمل على تحسين الواقع وتنمية الشعور بالمسؤولية، لدى الأفراد، والإيثار والتسامح، والعمل الخلاق.
فإذا كان علم النفس التقليدي يركز على السلبيات؛ فإن علم النفس الإيجابي يعالج الضعف، ويغذي مواضع القوة لدى الفرد، ويعمل على بناء السِّمات الإيجابية التي تساعد الأفراد والمجتمعات ليس على التحمل والبقاء فقط بل وتساعدهم أيضاً على الازدهار. كما أن استخدام إستراتيجيات علم النفس الإيجابي، تؤدي إلى نقل الشخص بعيداً عن التركيز ضيق الأفق على معايشة المواقف السلبية والأمراض النفسية إلى منهج جديد هو تنمية السمات الإيجابية والفضيلة والقوى الإيجابية على مدى الحياة، والاستفادة منها في الصحة والعلاقات والعمل.
فقد دعا جلالة الملك الى تعظيم المهارة التي يمتلكها جميع الأفراد، وهي مهارة الكفاح من أجل الهدف والتي تؤدي إلى تنمية السِّمات البشرية الإيجابية، واستخدامها في مكانها الصحيح، وهذا جوهر علم النفس الايجابي، والذي اعتبر اول مطبقيه هو جلالة الملك عبد الله الثاني، فلنكن على خطاه، ولنعطي الحكومة فرصة نوعية ذات سمة ايجابية بعيده كل البعد عن التقليدية القديمة، لنصل بقيادة جلالة الملك ومساندة ابناء الوطن للخروج من ازمة الثقة، لنكن قادرين على مواجهة كافة اشكال الضغوط، متسلحين بتعليمات المعلم الاول جلالة الملك حفظه الله ورعاه.
*رئيسة الاتحاد النسائي العام